مراجعة عام 2021

بدأتُ منذ ست سنوات بتجربة عادة “الأهداف السنوية”، واعتدتُ منذئذٍ أن أكتب تدوينة سنوية في نهاية كل عام أُوثِّق فيها نتائج هذه “التجربة” أو “العادة” لدي. لا تهدف هذه التدوينة لإقناعك بتبني الأهداف السنوية في حياتك (لو كنت تظن أنها ضربٌ من التنمية البشرية فلن أستطيع لومك، لأنها كانت تبدو لي كذلك)، وإنما الهدف منها هو أن تكون توثيقاً شخصياً لما قمتُ به خلال العام المنصرم، وهو أمرٌ أظن أن على كل مرء توثيقه، سواء في مدونته أو بمفكرة خصوصية أو ما شابه. ومن الواضح أني مقتنعٌ شخصياً بهذه الأهداف؛ فمن النادر أن أقوم بأمر لمدة ست سنوات لو لم أكن مقتنعاً به، إلا أن لي أسباباً دفعتني لهذا الالتزام قد تجدها -أو لا تجدها- قوية.

لماذا التزمتُ ست سنوات؟

في فلم Weather Man اقتباس ملهم يشرح السبب الرئيسي الذي يدفعني لوضع أهداف شخصية في كل عام. إذ يقول فيه بطل الفلم -وهو نيكولاس كيج- محدثاً نفسه (حسب ترجمتي مع التصرّف):

“أذكر أني كنتُ أتخيَّل كيف سأغدو أنا وكيف ستغدو حياتي حينما أكبر. اعتقدتُ أني سأكتسبُ كل الصفات والخصال الرائعة التي يحلم بها جميع الناس. لكني لم أكتسب من هذه الصفات إلا نذراً يسيراً بمرور الزمن، ففي كل عام تناقصت الفرص والحيوات التي في متناولي واحدة تلو الأخرى، حتى لم تبقَ منها إلا حياة واحدة لأعيشها: وهي حياتي الحالية، حياة مُوظّف في وكالة طقس”.

فلم “رجل الطقس” (Weather Man).

مُعظمنا -على ما أعتقد- معتادُون على أن نغرق طوال السنة في انشغالات والتزامات لا نكاد ننتهي من أحدها حتى يبدأ الآخر، مثل: الحصص الدراسية، والامتحانات، والعمل، ومهام المنزل، والالتزامات المالية، ومئات أو آلاف المهام الصّغيرة عديمة المعنى التي تبرزُ في كل لحظة من حياتنا اليومية. والمشكلة هي أنه من السهل جداً (بل من المعتاد) أن يغرق الإنسان في هذه المهام المُصمَّمة لتشغل كل حُيِّز ممكن من وقته حتى يتسنى أو يتناسى أن لديه أحلاماً كانت تداعب مخيّلته في طفولته أو شبابه، والتي قد يرغب بتحقيقها أو تحقيق بعضها قبلَ أن تُواري التراب. 

ومن الطبيعي أن تُفكّر بأنك صغيرٌ في السن، وبأن أمامك وقتاً لا محدوداً لفعل كلِّ الأشياء الرائعة التي تريد فعلها ذات يوم في حياتك. ورُبّما تتضمَّنُ قائمة أحلامك هذه تسلّق جبل الكيلمنغارو، أو الدراسة بالخارج، أو تصوير فلم، أو تأليف كتابة أو رواية، لكن المؤسف في الأمر هو أن هذه الأحلام لا تتحقق قط بمعجزة. إذ لو لم تبدأ من هذه اللّحظة بالتخطيط لكيفية تحقيق هذه الأحلام فإنَّ فُرصة حدوثها قد تكون مُنعدمة تقريباً/ فلا شيء بالعالم يحدث بالصدفة السعيدة (إلا الأشياء السيئة؛ عادة)، وأما الإنجازات التي يفتخر الإنسان بها -بنظري- فهي نتيجة سنين من العمل الشاق والدؤوب، والذي عليك أن تُحضِّر نفسك له على مر سنين وسنين.

ميزة الأهداف السنوية هي أنها فرصة لمراجعة حياتك مرة في كل عام، والتوثق ما إذا كنتَ راضياً عن الخطوات التي تسيرُ بها نحو أحلامك وطموحاتك في الحياة، أم لا. ولا يُقَاس رضاك عن نفسك -بالضرورة- بعدد الأهداف التي حققتها، لكن هذه الأهداف سوف تساعدك على أن تلتزم برؤية معينة وأن تعرف إن كانت حياتك تسير بالاتجاه الخاطئ، فلو لم تُحقِّق أي هدف ولم تُحقِّق -كذلك- أي تطور في قدراتك ومهاراتك التي تسعى لتطويرها، فقد تكون في مأزق، وأما الجيد فأنك لو وجدت نفسك في هذا الموقف في نهاية العام فإنَّ هذه هي فرصتك الذهبية لوضع خطواتٍ واضحة ومعقولة لتصحيح المسير أو البدء فيه، قبل أن يفوت الأوان. 

أدينُ -شخصياً- للأهداف السنوية بتغيرات كبيرة جداً في حياتي. فطموحي الأكبر والذي بدأت بتجربة الأهداف لأجله هو الكتابة، ولطالما وجدتُ كتابة المقالات وأشباهها سهلة، لكني كنتُ عاجزاً عن كتابة أي نص طويل، وخصوصاً أي كتابة قصصية وأدبية. 

لكن هذه الأهداف تحولت -بالنسبة لي- إلى “جرس إنذار” يدقّ على مدار العام ليذكّرني بأن وقتي يمضي وأن عليَّ الإنجاز، وقد ساعدني هذا الأمر -منذئذٍ- على تأليف كتابين (عن “ويكيبيديا” وعن “الترجمة والتعريب”) ومسودة رواية وعدد لا يستهان به من القصص، كما أنها مكنتني من تنمية عادة القراءة حتى أصبحت قراءة الكتب والروايات بوتيرة شهرية وأسبوعية أمراً روتينياً لي، وهو شيء ضروري جداً لتطوير ملكتي الأدبية وله -برأيي المتواضع- أثرٌ واضح على كتابتي، كما أنها ساعدتني على متابعة تقدمي في حياتي المهنية والأكاديمية بعمومها، بما في ذلك العام الحالي. 

عني في 2021

كنتُ قد وضعت لنفسي أهدافاً لهذا العام، كما اعتدتُ في بداية معظم الأعوام (والتي اتبعتُ بعضها وأهملتُ بعضها الآخر). فصلتُ هذه الأهداف في تدوينة تجربتي لعام 2020، وسوف أُكرِّرها مختصرةً هنا للسياق:

  •  إنهاء دراستي الجامعية: أنجزتُه وتخرجت.
  • قراءة 25 كتاباً: أنجزتهُ وقرأتُ الكتب مع زيادة.
  • إكمال روايتي الأولى: أكملتُ نص الرواية، لكني لم أنتهي من مرحلة المراجعة والتحرير، لذا فإن هذا الهدف يبقى ناقصاً.
  • نشر بحث أكاديمي: لم أنشر بحثاً، لكني طورتُ كثيراً مهاراتي البحثية واقتربتُ من هذا الهدف (المزيد أدناه).
  • تطوير ويكيميديا بلاد الشام: أظن أني فشلتُ في هذا الهدف.
  • تطوير مقالات اللغة الفينيقية: فشلتُ في هذا الهدف كذلك، ولو أنه كان إضافياً بالأصل.

أرجو ألا تتزعزع ثقتك بقيمة الأهداف السنوية عندي، لكن الحقيقة هي أن هذه الأهداف -على أهميتها- ليست بالضرورة أهم الأمور التي حدثت في حياتي خلال هذا العام. ففيما يلي بعضٌ من الأمور الجذّابة أكثر التي أكملتها في عام 2021:

نشرتُ كتاباً

من الصعب أن أقتنع -شخصيًا- بوضع هذا “الإنجاز” على قائمة عام 2021، إذ إني لم أُنْجِز عملاً يذكر على هذا الكتاب خلال العام الحالي إلا تحريره ونشره، وأما مشروع الكتاب بطوله فقد استغرق مني أربع سنوات ونحو ألف ساعة ساعة عمل كانت أكثرها في عام 2020. أشعر -رغم ذلك- بسعادة غامرة بإتمام هذا المشروع والانتهاء من أعباء التحرير والتدقيق والنشر (والتي كانت أسهل بعشرات المرات من التأليف، لكنها تتطلَّب كثيراً من المتابعة كذلك)، وأتقدم بالشكر هنا للصديق “جميل بليوني” من أكاديمية حسوب لتبنّيه المشروع ومساعدته في نشره ولأستاذ اللغة العربية “علي اليعقوبي” لجهده في التحرير. 

أفتخر بأن الكتاب نُشِرَ برخصة المشاع الإبداعي، مما يعني أن أي شخص يستطيع تحميله ونشره والاستفادة منه بالمجان، وقد حُمِلَ حتى الآن نحو 3,000 مرة. أتشرف بقراءتك له وتقييمك على أكاديمية حسوب

تخرجتُ من الجامعة

جامعتي.. سابقاً

أعترف بأني أرى الاحتفاء بالتخرج أمراً مضحكاً، فكل من يدخل الجامعة يتخرج ذات يوم قريب أو بعيد (ولعل هذه الحُجَّة تنطبق على ما أقوله هنا)، غير أني أزعم أني “اضطررتُ” لإضافة التخرج إلى أهدافي لهذا العام لأنه أصبح تحدياً لي، فقد انقطعتُ عن دراستي بالكامل لمدة سنة ونصف للتفرغ للعمل، ولم يكن لدي مُبرِّر حقيقي للعودة إلى مقاعد الدراسة سوى الدافع الشخصي والأكاديمي؛ لأن شهادتي لا قيمة لها في عملي الحالي. كان العمل مع الدراسة متعباً كالعادة (يا للمفاجأة)، لكني كنتُ محظوظاً أصلاً بأن مديري في العمل وافق على أن أستمرَّ بالعمل بحدود 10 ساعات/أسبوعياً لتسع شهور، وبذلك لم أضطرَّ للاستقالة من العمل لمتابعة دراستي.

شعرتُ في بعض الأحيان وكأني أعود للمدرسة المتوسطة بعد التخرج من الثانوية، وحصلتُ على فرصة لأسمع شكاوى لا نهائية عن الدراسة الإلكترونية (والمشكلات المبهرة التي تحول دون قدرة الطلاب على التحدث “بالمايك”)، إلا أني كنتُ مستمتعاً في معظم الوقت أكثر من استمتاعي بالعمل، إذ قرأتُ أخيراً مسرحية “هاملت” ومسرحيات عديدة لشكسبير، وصرتُ ملماً بكامل تاريخ الأدب البريطاني والأمريكي، وتعلمتُ أمور كثيرة أخرى قد لا يعنيك أن تقرأ عنها.

كانت لدي مشكلة واحدة، هي أنه ليس لدينا في كلية اللغات مشروع للتخرج لأشعر وكأني أتممتُ رحلتي في تخصّصي، لذلك قررتُ أن أختار بنفسي مشروعاً أُتِمُّ فيه إلمامي بالأدب الإنكليزي، وكان ذلك قراءة رواية “عوليس” لجيمس جويس، وهي من أصعب الروايات باللغة الإنكليزية. لا شك عندي بعد قراءتها بأنها من أسوأ وأمقت ما قرأت، حتى أني لم أستطع إنهائها إلا بعد بداية عام 2022 ببضع ساعات (لا بأس بقليل من الغشّ في الأهداف).

آخر محاضرة في حياتي الجامعية

تقدمت للدراسات العليا

قد يقول أحدهم أن الإنجاز هو الانخراط بالدراسات العليا وليس التقدم لها، وكان هذا الكلام منطقياً برأيي حتى شهر سبتمبر الماضي، إذ اكتشفتُ منذئذٍ أن عملية التقديم هي مشروع يستغرق شهوراً من التفرّغ والعمل. بدأ هذا المشروع بمجهود شخصي وذاتي أولاً، إذ كنتُ مضطراً لاختيار التخصصات والجامعات والبلدان التي سوف أتقدَّم لها، والتي قررتُ (بعد تفكير وجداول وتشاورات) أن تكون بريطانيا -وحدها- في تخصّصين، هما علم اللسانيات والكتابة الإبداعية. وتلا ذلك بعض الجهد اللوجستي في جمع وثائق التقديم وتصديقها، وأما الجهد الأصعب فكان تحضير متطلبات التقديم، وهو وقصص قصيرة من تأليفي للكتابة الإبداعية و”مقترح لبحث أكاديمي” في علم اللسانيات؛ والذي لم أكن لأعرف كيفية كتابته لولا فرصة ثمينة أخرى نلتُها في هذا العام.

أنتظرُ حالياً نتائج تقديمي للجامعات، والتي لم تصل أي منها بعد. من المتوقع أن أعرف نتائجي كلها خلال ثلاثة شهور تقريباً، وربما خلال أسابيع من الآن. 

تعلمتُ (قليلاً) عن كتابة البحوث

منذ كان يقرأ لنا والدي قصص العلماء والمخترعين قبل النوم وعندي رغبة جامحة بأن أُحقِّق إنجازاً “علمياً” أو أن أعمل على “بحث” ما، حتى صرتُ أطلق هذه المصطلحات على أي قصاصة ورق أكتب عليها بضع كلمات “علمية”. وقد تخلَّيتُ عن هذا الطموح شيئاً فشيئاً وأنا أكبر حتى استسلمتُ لاستحالته بعد أن اخترتُ الفرع الأدبي في المدرسة الثانوية، وذلك اعترافاً مني بقدراتي المتواضعة في العلوم. والحقيقة أني لم أدرك إلا منذ سنين معدودة أني ليس عندي مُبرِّر للتخلي عن هذا الهدف، فكل تخصّص في العالم -من علوم وآداب- له مجاله البحثي والأكاديمي، على أني لم أكن أعرف قط كيف ومن أين أبدأ. وقد كان أحد أهدافي للعام الماضي أن أخطو الخطوة الأولى، ولعلَّ أكثر ما يسعدني في هذا العام هو أني أخذتُ تلك الخطوة أخيراً، بل وبعفوية تامة.

كان قد أرسل لي صديق قبل عام إعلاناً عن دورة في البحث العلمي تُقدِّمها “مؤسسة عبد الحميد شومان” (من أهم المؤسسات الثقافية في الأردن)، وقد سجلتُ في هذه الدورة وانتظرتُ الرد لأسابيع وشهور ثم نسيتُ أمرها تماماً، حتى جاءتني مكالمة هاتفية في شهر يوليو تخبرني بأنهم قرروا قبولي في النسخة الثانية من الورشة (يبدو أني لستُ جيداً كفاية للورشة الأولى)، وأني عليَّ التفرّغ لعشر ساعات أسبوعياً لحضور محاضرة مُطوَّلة يوم السبت وللعمل البحثي. كانت هذه الورشة أصعب تجربة تعليمية خضتُها في آخر أربع أو خمس سنوات من حياتي، ولهذا كانت مثريةً بما يفوق الوصف بما فيها من نقد تفصيلي ومضن لمقترحي البحثي، الذي أعدتُ كتابته خمس مرات على الأقل أثناء الورشة. 

أنهيتُ بفضل هذه الورشة خطة أول مشروع بحثي لي، وهو عن كيفية تقصِّي حيادية المحتوى في موسوعة ويكيبيديا، وخصوصاً في النسخة العربية. لم أبدأ بالعمل على هذا البحث، إذ اضطررتُ أولاً للبحث عن تمويل (وقد أمنتُ تمويلاً مبدئياً) وعلى باحث يُشرِفُ على عملي (وقد وافق أستاذ متخصّص بالمجال على العمل معي عليه). أرجو وأتطلع لأن يكون هذا المشروع من أعمالي الرئيسية للعام القادم. 

صرتُ أقود (السيارات)

معظم البشر الطبيعيين لا يعبؤون بقيادة السيارات، فقد تبدو لهم مهمة سهلة أو بديهية أو أمراً يمارسونه منذ عمر مُبكِّر، لكنها كانت بالنسبة لي أشبه بكابوس مرهقٍ تُحْدِق بي خلاله الأخطار من كل حدب وصوت مُهدِّدة بحوادث لها تبعاتها المادية والشخصية المُكْلِفة، ولهذا السبب ظللتُ أتنصَّل من هذه المسؤولية حتى وقت قريب. وقد استجمعتُ أخيراً شجاعتي في هذا الصيف لأحلَّ هذه المشكلة قبل أن يبلغ عمري ربع قرنٍ بشهور، فانخطرتُ بمدرسة القيادة (قيادة السيارات، وليس الناس) أثناء إجازة الصيف القصيرة، ورسبتُ عدداً من المرات بالامتحان لن أُصرِّحَ عنه هنا، لكني نلتُ شهادة القيادة قبل نهاية العام بأسابيع، ويمكنني أن أقول بدون تهويل ولا مبالغة أنها كانت من أصعب ما حققتهُ في هذا العام وفي معظم الأعوام الماضية. 

قراءات ومشاهدات

بالنظر إلى أني أهوى الأدب وأطمح للتأليف، فإن ما أقرأه وأشاهده على مر العام هو جزء مهم لي من إنجازي. وقد اعتدتُ أن أضع لنفسي هدفاً سنوياً في القراءة يتراوح بين 20 إلى 25 كتاباً، ويسعدني القول أن هذا الهدف أصبح جزءاً من روتين حياتي ولم يعد -على ما آمل- هدفاً ضرورياً لتسطيره على الورق، غير أني أجد أن من اللطيف تخصيص مساحة هنا لذكر أفضل ما قرأتهُ وشاهدتُه خلال العام (أو ما يستحق الذكر على الأقل، بما أني كرهتُ بعض هذه الكتب والمسلسلات كرهاً جماً).

كتب

  • عوليس (The Ulysses): “مشروع تخرجي” الشخصي وأصعب ما قرأته في هذا العام وفي حياتي بأسرها،،ومن أمقته إلى قلبي. قضيتُ أربع شهور في قراءتها، ونحو شهر قبلها في رواية “صورة الفنان في شبابه“، التي تعتبر جزءاً سابقاً لها. “عوليس” هي رواية ملحمية مكتوبة بأسلوب حداثي وتغصّ بالاقتباسات والإحالات وبأساليب أدبية تجريبية عجيبة جداً، وقد كتبتُ مراجعةً تفصيلية عن رأيي فيها.
عن الوجوه والكتب التي تصعب قراءتها.
  • بين القصرين: أول ما قرأتهُ من مؤلفات “نجيب محفوظ”، وأفضل رواية عربية قرأتُها بلا ريب، ومن أفضل ما قرأتُ قط. شخصياتها بديعة جداً وتصويرها للحياة في القاهرة إبان بداية القرن العشرين جيد جداً. مشكلتها أنها طويلة ومملة بعض الشيء. كنتُ أتوق لإكمال سلسلتها (فهي الجزء الأول في سلسلة “ثلاثية القاهرة“) لولا أن دراستي الجامعية قطعتني عن ذلك، وأنوي أن أعود للسلسلة في العام الحالي. رابط مراجعتي.
  • رسالة ابن القارح: وهي الرسالة التي كتب ابن علاء المعري “رسالة الغفران” الشهيرة رداً عليها. قرأتُها استعداداً لقراءة رسالة الغفران، إلا أني اعتزلتُ المشروع بسبب ضغوط الفصل الجامعي الذي كان في بدايته آنذاك. 
  • مسرحيات شكسبير: انتظرتُ طويلاً الوصول إلى مادة “شكسبير” في مسيرتي الجامعية لأفهم أخيراً شتى الألغاز والإشارات العجيبة التي أصادفها في كل مكان له، والتي كنتُ أشعر بالعار من نفسي لعدم فهمها وأنا طالب أدب إنكليزي، لكن الهلع كان يساورني من أن أحاول قراءة لغته الغريبة والصعبة بنفسي. قرأتُ أثناء فصلي الجامعي قبل الأخير أربع مسرحيات مشهورة لشكسبير، منها “هاملت” و”العاصفة” و”حلم ليلة في منتصف الصيف”. وقد تشجَّعتُ بد هذه التجربة -الصعبة- على متابعة خوض غمار شكسبير بنفسي، فاستكملتُ في العطلة الصيفية التراجيديات الأربع بقراءة “الملك لير” و”عطيل” (وكنتُ سابقاً قد قرأت “ماكبث” بمادة جامعية)، وكذلك “روميو وجولييت” و”تاجر البندقية” و”يوليوس قيصر” لشهرتهم. كانت أكبر صدمةٍ في هذه الرحلة الطويلة هي أن قصة فلم “الأسد الملك” لديزني هي محض تقليدٍ لهاملت 🙂
  • The Remains of Day: رواية من منهجي الجامعي كذلك، ومن أفضل ما قرأتُ في حياتي، فقد أيقنتُ بعد أن انتهيتُ منها أن “كازو إشيغورو” من أفضل المؤلّفين في زمننا. تروي الرواية حكاية رئيس خدم في بيت أرستقراطي بريطاني وهو يعيش نهاية حياته (وقد أمسى كهلاً)، وكذلك نهاية عهد الأرستقراطية والخدم المنزليين بأكمله وحلول زمنٍ جديد مكانه. تحفة أدبية وقصصية بحقّ. رابط مراجعتي.
  • To Build A Fire: قصة قصيرة من حوالي عشرين صفحة للكاتب “جاك لندن”، مختصرة جداً وبديعة في أسلوبها وفكرتها. 
  • The Unknown Citizen: قصيدة قصيرة -أيضاً- تسخر من عبودية الإنسان في الدولة الحديثة، وهي بدون شك أكثر قصيدة مضحكة قرأتُها قط. تجدها هنا لو شئت الاطلاع.
  • The Secret Diary of Adrian Mole: قصة خفيفة تروي يوميات فتى بريطاني عمره 13 سنة، مضحكة جداً ومناسبة كـ”استراحة” بعد قراءة كتب صعبة.

أفلام ومسلسلات

برأيي المتواضع أن للأفلام والمسلسلات قيمة أدبية لا يستهان بها، فكثيرٌ منها هي في أصلها كتب وروايات، وحتى التي تُكْتَب للتلفاز يُبْذَل فيها جهد كبير. كذلك فقد رغبتُ بإضافة هذا القسم من باب المشاركة وتبادل المشاهدات.

  • ما وراء الطبيعة (2020): كنتُ أقرأ بعض روايات الجيب لـ”خالد توفيق” في طفولتي، والحقيقة أني لا أذكر شيئاً منها، لكني استمتعتُ جداً بهذه السلسلة الجديدة، وهي أول مسلسل عربي أصادفه يوازي المسلسلات الأجنبية الحداثية في جودته وأسلوبه. الحبكة ساذجة إجمالاً وقد تضحك عليها في كثير من الحلقات، ولا بأس بذلك، فالكتابة جيدة جداً والشخصيات والحوارات بينها متقنة وممتعة للغاية مهما استسخفت الفكرة من المسلسل. 8/10 نجوم.
  • Der Untergang (2004): فلم ألماني يروي قصة سقوط برلين وحكم هتلر فيها عند نهاية الحرب العالمية الثانية. كان أول فلم سينمائي أشاهده كاملاً بالألمانية، وهو ما استغرقني فترات متقطّعة على مر عدة أيام (بسبب التوقف المستمر لمراجعة الكلمات). جيداً جداً، 9/10 نجوم.
  • Dark (2017 – 2020): سلسلة ألمانية -كذلك- عن السفر عبر الزمن، شاهدتُها أيضاً باللغة الألمانية. كانت مثيرة جداً في البداية، لكنها أصبحت مملة مع الوقت، ولا أظن أني أعجبتُ بالنهاية، ولو أن أحداثها كلها غائمةٌ في ذهني الآن لشدة تشابكها (ولأني شاهدتها بلغة أجنبية). 8/10 نجوم.
  • Turtles Forever (2009): لو كنت تهوى “سلاحف النينجا” (وهو كرتون عن سلاحف خضراء تحارب الجريمة.. من عجائب القصص المصورة الأمريكية)، فسوف تعشق هذا الفلم، إذ إنه يجمع بين ثلاثة أجيال أو نسخ من السلاحف في فلم واحد مبدع جداً. 9/10 نجوم.
  • Free Guy (2021): هذه إضافة تحذيرية لا أكثر. لو كنت تهوى ألعاب الفيديو فلا تشاهد هذا الفلم قط، إلا لو كنت تنوي استضافة سهرة للسخرية من الأفلام السيئة. الفلم عن شخصية NPC تتحول إلى لاعب، وطريقة تنفيذ الفكرة أسوأ من الفكرة نفسها. 1/10 نجوم (لو ساورك الفضول لمشاهدته، فلا تْنكِر أني حذرتُك).

أهدافي للعام القادم

بعد تجربة الأهداف السنوية لستة أعوام، أمسى شعوري أن تحديد أهداف بالأرقام ليس مجدياً (بالنسبة لي)، على خلاف النصيحة الشائعة التي تخبرك أن تُحدِّد أهدافاً “تستطيع قياسها”. فأهدافي الحالية ليست مرتبطة بأمر واحدٍ لا غنى عنها (مثلاً: الكتابة في موضوع محدّد)، وإنما هي أمور عامة أحتاج لأن أُطوِّرها في نفسي أو بمشاريع كبيرة أطمح للعمل عليها، وفي ذهني عِدَّة أفكار لكل هدفٍ منها قد أستطيع العمل على واحدة منها أو قد أستعيض عنها كلها بفكرة جديدة تنبثق خلال العام. وقد حاولتُ اختزال هذه الأهداف بالموضوعات الخمس الآتية مُرتَّبة -نوعاً ما- حسب أولويتها:

  1. الكتابة والتأليف: كان وما يزال تطوير مهاراتي في الكتابة والتأليف أكبر أولوياتي كافة، بل وإن التقدم في هذا الهدف هو دافعي الرئيسي لوضع الأهداف السنوية. لي عدّة روايات شبه مكتملة وقيد الكتابة قد أعمل على تنقيحها وتحريرها أثناء العام. لا يقتصر هذا الهدف على الكتابة: ففي جوهره تحسين أسلوبي الأدبي (بقراءة روايات عالمية) ولغتي العربية (بالقراءة للأدباء العرب)، وكذلك بالاستماع لمحاضرات وقراءة كتب إرشادية تتخصَّص بالكتابة الأدبية. 
  2. الأدب العربي: على الأديب الناجح -بنظري- أن يستوحي أفكاره من أدب ثقافته وأن يمزجه بالأساليب الأخرى، لكني أواجه مشاكل شتى في العثور على نسخ جيدة من الكتب العربية ومع شروحات مناسبة. عندي فكرة لمشروع رقمي بهذا الخصوص، وأرغب بأن أحاول التخطيط لهذا المشروع ومناقشته مع بعض المؤسسات الثقافية خلال العام.
  3. البحث الأكاديمي: ذكرتُ أني عملتُ على مقترح بحث يتعلَّق بتقصي الحيادية في ويكيبيديا العربية، وقد حصلتُ على موافقة مبدئية للتمويل وأتعاون حالياً مع أستاذ متخصّص للبدء بالعمل على المشروع. لو تمكنا من إطلاق المشروع والعمل عليها فسوف تكون هذه أول مساهمة حقيقية لي في العمل الأكاديمي.
  4. التطوير المهني: لستُ متأكداً من هذا الهدف لأنه مرهونٌ بنتائج دراساتي العليا، لكن لو ظللتُ في وظيفتي فإني مهتم بتطوير قدرتي فيها وباحتراف عالم “إدارة المعرفة” الذي أعمل فيه، وقد اشتريتُ مؤخراً بعض الكتب لمساعدتي في هذا المجال وفي التخطيط لعملي بطريقة استراتيجية ومدروسة. 
  5. مشاريع شخصية: لي عددٌ من المشاريع الشخصية المتفرّقة، من أهمها تعلّم اللغات (أدرس اللغة الألمانية ذاتياً منذ سبع سنوات)، وكذلك أن يصبح منزلي صديقاً للبيئة (أتمنى أن أستثمر بإضافة ألواح للطاقة الشمسية على سطح المنزل، وبالاتفاق مع شركة لاستلام المهملات المُصنَّفة من ورق وبلاستيك وما شابه).
[أرشيف تدويناتي السنوية السابقة لأعوام: 2020 و2019 و2018 و2017]

اترك تعليقاً