“مرحباً، اسمي هانا بيكر. أرجو أنَّك مُستعد لكي أحكي لك قصة حياتي، أو بعبارةٍ أدق، قصة انتهائها. إذا كنتَ تستمُع لهذا الشريط فهذا يعني أنَّك كنتَ واحداً من المسؤولين عن نهايتها، ولأن لكلّ قصة 13 سبباً فقد سجَّلتُ ثلاثة عشر شريطاً لكلّ واحدٍ منكم. لديك قاعدتان بسيطتان: أولاً، عليك أن تستمع لجميع هذه الأشرطة، ومن ثمَّ عليك أن ترسلها للشخص الآتي ليتابع الاستماع”.
تبدأُ الحلقة الأولى من سلسلة 13 Reasons Why بهذا التسجيل الصوتي (يمكنك سماعه من الفيديو بالأسفل)، الذي يُقدّم القصة الأساسية لواحدٍ من أفضل المُسلسلات التي شاهدتُها في حياتي. بدأت بمشاهدة المسلسل بداية الأسبوع الماضي، ولحسن الحظّ أن ذلك كان في وقت الإجازة، لأني لم أحتج سوى يومين لإنهاء الحلقات الثلاثة عشر.
لا أُفَضِّلُ، في الواقع، كتابة أيّ شيءٍ عن مسلسلٍ من هذا النوع، لأنَّ ما يجدر بك أن تفعله هو أن تشاهده وحسب، والقراءة عنه لن تفيدك بشيءٍ سوى إفساد بعض أحداث الحلقات الأولى. للأسف، لا أرى طريقة عمليَّة لإقناعك بمُتابعة مسلسلٍ سوى بإعطائك لمحةً عن قصَّته وهدفه، ولكن لو كنتَ مُقتنعاً من الآن (بطريقةٍ ما) فأغلق هذا الهراء واذهب لمشاهدته في الحال.
القصة الأساسية تدورُ حول فتاة في المدرسة الثانوية، اسمُها هانا بيكر، أقدمت على الانتحار. يبدأ المسلسل وصديقها كلاي يُحاول تجاوُز ذكرى هذه المأساة، ويتفاجأ بتعاطُف العديد من زملائه بطريقةٍ غير مسبوقةٍ معه، واهتمامهم بالتقّرب منه ومواساته. لكن مع مُرور الوقت، تظهرُ أمورٌ تُفسّر تغيّر سلوكيات زملائه، حيث يصله طردٌ بريديٌّ فيه 13 تسجيلاً صوتياً من صديقته الميّتة، تشرح فيهم الأسباب التي دفعتها إلى الانتحار، وعلاقة كل شخص يعرفه بفعلتها هذه.
حسناً، القصَّة مُثيرة إلى حدّ ما – عندما تشاهدها على الأقل – لكنها ليست الأمر المذهل هُنا. الإبداع الحقيقيُّ يكمنُ في الواقعية غير العاديَّة للأحداث.
مُعظَم مشاهد مسلسل 13 Reasons Why تدورُ في مدرسة ثانوية ببلدةٍ أمريكيَّة صغيرة. جميع الأحداث خيالية ومختلقة، لكن إن كان صانعو المسلسل قد أولوا شيئاً أشدَّ الاهتمام والعناية، فهو تصوير أجواء الحياة في هذه المدرسة بأكثر طريقةٍ مُقنعة يُمكنك تخيُّلها. ربّما تكون مشاهدة الحلقات الأولى كفيلةً بتغيير الكثير من تصوّراتك عن المدارس الأجنبية، بل ولعلّها ستجعلكَ تغير بعض قناعاتك الفكرية، فلو كنت – مثلاً – تؤيّد الاختلاط في المدارس بين الذكور والإناث، من المُرجَّح أن تجربة المشاهدة ستدفعك إلى إعادة النظر بذلك الرأي كلياً. ليس لأن المسلسل يحاول طرح هذه المسألة فعلاً، بل لأنه يُرِيك الواقع فحسب.
الهدف الأساسيُّ من هذه السلسلة، رغم ذلك، يتمحورُ التوعية بمسألة الانتحار ودوافعها بين الشباب صغار السنّ، ولهذا السبب فإنَّ نجاحها الأكبر يأتي بالتصوير المذهل لتطوّر حياة البطلة، هانا بيكر، وكيفية غرقها بالتعاسة بسبب تراكُم عددٍ كبيرٍ جداً من الحوادث التافهة. يبدو لك كلُّ حادثٍ مزعجٍ تقعُ فيه البطلة مُجرّد أمرٍ طفولي سخيف، إلا أن المسلسل ينجح بدرجة مذهلة بجعلك تشعرُ كيف أن تراكم هذه الحوادث، على صغرها، قد يُدمِّر نفسية إنسانٍ بالكامل ويجعله يفقدُ أي رغبة بالاستمرار بالحياة.
المسلسل مليءٌ باللقطات أو الأحداث المزعجة، لكن تجربة مشاهدته كانت عظيمةً بالكلية. الحلقات ممتعةٌ جداً، وسيرُ الأحداث مشوّق بحيث يجبرك على الجلوس والمشاهدة بعد منتصف الليل عوضاً عن الخلود إلى السرير. تقييمي للسلسلة على موقع IMDB كان تسعة نجومٍ من عشرة، ممَّا يضعه في المرتبة الثانية من حيث أعلى تقييمات المسلسلات على قائمتي، فلم يتغلَّب عليه (بالنسبة لي) سوى مسلسل Game of Thrones. لذا، أعتقد أني سأقضي الفترة المقبلة بنُصح كل من أعرفهم بمشاهدته.
Comments 1
شكرا على المقال أعجبني جدا طريقتك في الطرح لقد شوقتني سأشاهده في أقرب فرصة انشاء الله و هذا لأني أحب الأفلام الهادفة