كنتُ أعمل خلال الفترة الماضية مع صديقي باسم فليفل على تطوير مقالة الطيور في ويكيبيديا العربيَّة لتُصبح مقالة مختارة (درجةٌ خاصة من المقالات التي تعرَضُ دورياً على الصَّفحة الرئيسية لويكيبيديا)، عندما صادفتُ هذا المشهد المُدهش، الذي أجده مثيراً للاهتمام كثيراً بحيثُ رغبت بمشاركته هُنا.
يظهرُ في هذه الصورة المُخيفة عصفورٌ بالغ وهو يُطعم فرخاً ضعيفاً عاجزاً عن الطيران أو الحركة، إلا أنَّ هذا الفرخ المسكين يزيد في حجمه ووزنه عن “والدته” بأضعافٍ عديدة. في الحقيقة، هذا الفرخ هو من طُيور الواقواق، وأما والدته فهي عصفورة حبَّاكة، وهُما نوعان ينتميان إلى فصيلتين مُختلفتين كلياً من الطُّيور، إلا أنَّ سبب وُصولهما إلى هذه العلاقة الأبوية الجميلة لم يكن محض صدفةٍ سعيدة، وبالتأكيد لم يكُن بسبب صداقة حيوانية فريدة من نوعٍ ما.
السَّببُ الفعلي هو أنَّ طيور الواقواق تنتمي إلى مجموعة من الحيوانات يُطلَق عليها اسم “مُتطفِّلات الأعشاش”، وهي كائناتٌ ليست لها القُدرة أو الجاهزية للاعتناء بصغارها بنفسها، ولذلك، فعوضاً عن تحمُّل مسؤولية العناية بهم، تبحثُ هذه الكائنات عن أعشاش غيرها لتتركَ فيها بيضها سرًّا. ففي أحد الأيَّام بينما كانت هذه العُصفورة بعيدةً عن عُشِّها، جاء طائر واقواق وزجَّ ببيضته في العُشّ. وعندما فقس صغير الواقواق من بيضته، وبسبب ضخامة حجمه وقوَّته مقارنةً ببيُوض العصفور الحبَّاك الصغيرة، فقد استطاعَ دفعها بصورة غريزيَّة من فوق العُشّ لتسقطَ على الأرض وتموت الأجنَّة التي داخلها. بهذه الطريقة، ضمنَ فرخ الواقواق لنفسه الحُصول على كُلِّ الغذاء الذي تجلبه إليه أنثى العُصفور الحباك، وأما الأم المسكينة فهي لم تُدرك شيئاً ممَّا حدث، وسوف تستمرُّ بالعناية بالفرخ كأنَّه ابنُها حتى يكبرَ ويُصبح قادراً على الاهتمام بنفسه، وعندها سوف يضعُ هو نفسه بيوضه في أعشاش طُيورٍ أخرى لتعتني بها على حساب صغارها هيَ.