مع الأسف وكما حصل من قبل، فوتٌّ التدوين لمناسبة عظيمة أخرى… هذه المرة ساعة الأرض! لكنني لن أستسلم، وسأعود لأتبع مبدأ: “أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً”. لقد كان أول أمس هو يوم ساعة الأرض، تقليد إطفاء الأنوار في أنحاء العالم لمدة ساعةٍ واحدةٍ تضامناً مع البيئة والذي كان قد بدأ في عام 2007 بأستراليا، لكنه الآن انتشر عالمياً ليصل إلى الكثير من البلاد العربيَّة. أول أمس، كانت الذكرة السّادسة لانطلاق هذه الفعالية العالمية، لأجل حماية البيئة والحفاظ عليها في أنحاء الأرض.
كنت قد نسيت في العام الماضي، 2012، اليوم الموعود لساعة الأرض بعد خيبة أملٍ كبيرة، ففاتتني المشاركة بالحدث، وكانت تلك الحال قد تكرَّرت على مرّ السنوات الماضية التي أعقبت عولمة الحدث في سنة 2008. لكن ولحسن الحظ، فإنَّ الأمر هذه السَّنة كان مختلفاً تماماً، فقد حصلت على فرصةٍ للمشاركة باحتفالٍ فعليّ رائعٍ لهذه المناسبة نظَّمته الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في وسط مدينة عمَّان، حيث قمنا بمسيرة شموع تقدَّمتها فرقة موسيقية قرعت الطبول ونفخت القرب احتفالاً بساعة الأرض، وكان عدد المشاركين كبيراً، ليس أقلَّ من مائتي أو ثلاثمائة شخص. لم تقتصر مشاركة عمَّان في هذا الحدث على تلك المسيرة فقط، بل لقد انضمَّت في هذه السنة إلى الحدث الكثير من المرافق والشركات البارزة في الأردن، من أهمّها أكبر مراكز التسوق في عمان “سيتي مول” وغالبية الفنادق والمطاعم الفاخرة بالمدينة وعدد من الجامعات. عربياً، أطفئت أنوار برج خليفة في دبي، وجامع الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي، ومركز التجارة العالمي البحريني في المنامة، احتراماً لساعة الأرض.
قد لا يبدو أثر هذه الفعالية للوهلة الأولى كبيراً… فهي ليست أكثر من ساعةٍ واحدة، من بين 8760 ساعةً في السنة نصرف فيها الكهرباء، أكثر من نصفها تشمل استعمال الأنوار للإضاءة، فضلاً عن عشرات الأدوات الكهربائية المختلفة. لكن المغزى لا يكمن في السَّاعة نفسها، ليس في الأثر الماديّ اللحظي، بل هو في الفكرة، إن ساعة الأرض ليست مجرَّد فعالية لتوفير فاتورة الكهرباء، بل هي زرع لفكرة ودعاية لقضيَّة بأكملها. هذا الحدث هو أشبه بـ”دعاية إعلانية” لقضية البيئة، وذلك كان الهدف أصلاً من إطلاق ساعة الأرض، وهي تؤدّي وظيفتها هذه وإن لم تكن النتائج تظهر لنا لحظياً بالضَّرورة.
لعلَّ أبرز ما ميَّز فعالية هذا العام، هو بدأ أولى المبادرات الفعلية لحماية البيئة المنضوية تحت ساعة الأرض. فقد بدأت ساعة الأرض تتحوَّل للمرة الأولى من فكرة دعائية، إلى عملٍ جادّ لحماية البيئة، واستخدمت شعار “I will If You Will” (أنا سأبدأ إن كنت أنت ستبدأ) للترويج لهذه الحملة الجديدة في السنة الماضية، إلا إنَّ تلك الحملة لم تأتي بأيَّة نتائج على أرض الواقع. هذا العام، حصل أوَّل تطبيقٍ لهذا الشعار، فقد قرَّرت دولة أوغندا الإفريقية إقامة أول “غابةٍ لساعة الأرض”، وذلك بزراعة نصف مليون شجرةٍ في نحو 2,700 هكتارٍ من الأراضي المقفرة بأوغندا، عرض التبرُّع بأكثر من نصفها أحد البنوك المحليَّة، كما وعد رئيس دولة بوتسوانا جنوب الإفريقية السَّابق “فيستوس موغاي” بزراعة مليون شجرة في بلاده على مدى أربع سنوات كمشاركةٍ في حملة ساعة الأرض، وفي إندونيسيا اتّحد المغردون على موقع تويتر الاجتماعي من مختلف مدن البلاد لإطلاق حملةٍ لحماية الغابات، ووصلت حملات “أنا سأبدأ إن كنت أنت ستبدأ” هذه إلى أكثر من 50 بلداً آخر في أنحاء العالم.
صحيح أن ساعة الأرض لن تكون الآن الحلَّ لكل مشاكلنا، لكن مع الوقت، يمكنها أن تحدث فرقاً كبيراً، فلا تستهن بها. ابدأ في هذه اللحظة، وأطفئ الأنوار غير الضرورية، والأدوات الكهربائية غير المستعملة، يمكنك توفير الطاقة والنقود وحماية الكوكب، إن لم تشارك بالحدث في حينه، لا زال بإمكانك إطفاء الأنوار لساعة، ولا زالت أمامك الفرصة في الأعوام القادمة للمشاركة. احرص على التواصل مع الجمعيَّات البيئية في بلدك، وعدم تفويت فرصة الانضمام إلى الفعاليات، ويوماً ما سترى أنَّ مشاركتك البسيطة.. بالتعاون مع مشاركات ملايين البشر الآخرين، قد أحدثت فرقاً هائلاً. كل ساعة أرض وأنتم بخير!